من يمكنه تحقيق ثروة في عصر المعلومات؟

استثمار

“لقد انتهى عصرُ الاقتصاد الذي يعتمد على الصناعة؛ لأنَّ المعرفة – وليست الصناعة – هي مفتاحُ النمو الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين”. المؤرخ مارك بوستر – جامعة كاليفورنيا.

إذا كانت الثورة الصناعيَّة بمثابة المَعْلَم الأول للقرن العشرين منذ بدايته وحتى نهاية النصف الأول منه، فإن الثورة التكنولوجيَّة وتقنيات المعلومات تمثِّل السمة الأساسيَّة للعقد الأخير منَ القرن العشرين والقرن الحالي؛ كما تمثل إطلالة على مستقبل العِلم والحضارة في القرن الحالي.

لفهم سؤالنا عن مَن سيكون غنيًّا، أو مَن سيصبح ثريًّا في عصر المعلومات؟ فإنَّنا أولا نحتاج إلى أخذ نظرة عامة وفَهم الاختلاف ما بين عصر المعلومات والعصر الصناعي والعصر الزراعي.
كان المجتمع في العصر الزراعي يتكون من طبقتين : الأولى: مُلاَّك الأراضي، والطبقة الثانية: هم الناس الذين يعملون في هذه الأراضي، وهم العبيد. فإذا كنتَ عبدًا، فليس هناك الكثير لكي تفعله، أو يمكن أن تفعله حيالَ ذلك، فملكيَّةُ الأرض تنتقل من شخص إلى آخر، أو بين العائلات المالكة، وأنت تظل على الحالة نفسها التي وُلِدت عليها دون تغيُّر.
أما عندما أتى العصر الصناعي فكل شيء تغيَّر، فلم تَعُدِ الزراعة هي مصدر الثراء والغنى؛ بل الصناعة هي التي أصبحت مصدر الثراء في ذلك الوقت، وفجأة لم تعد الأرض هي مفتاح الثروة، فالمصنع احتلّ الأرض فهو يعتبر أفضل من تربية خروف، أو زراعة قمح أو حنطة.
وبتقدُّم العصر الصناعي جاء نوع جديد من الثروة، ونوع جديد منَ الأشخاص الأثرياء؛ “رجل الأعمال العصامي”؛ حيث الثروة لم تعد تعتمد على مِلكية الأرض، فذكاء الأعمال والمصانع كانتا تخلقان طبقة جديدة من الأشخاص الأثرياء، لكن ذلك ما زال يتطلَّب ضخامة رأس المال لبناء المصانع والمشاريع التجارية.
إلى أن جاءت شبكة المعلومات العالمية والعولمة عام 1989، وفجأة كل شيء تغيَّر من جديد، فالمصانع لم تعد من الضروري أن تشغل الأعمال والتجارة؛ فأي شخص على الشبكة يستطيع أن يقوم بأعمال تجارية، فعوائق وحواجز تحقيق الثروة – والتي كانت موجودة في العصر الزراعي والصناعي – اختفت بالكامل، فالناس ما كانوا يحلمون بامتلاك أعمال تجارية خاصة بهم.
لقدِ انتقلنا من العصر الزراعي مرورا بالعصر الصناعي وصولا إلى عصر المعلومات، لذلك فقد كان هناك انهيار للموانع والحواجز التي جعلت شخصا ما يكون في طبقة المجتمع الغني، وآخر في طبقة المجتمع الفقير، في عصر المعلومات يُمكن لأي شخص يمتلك مهارات ومعارف أن يكون ثريا.
إنَّ العصر الصَّناعيَّ كان يتمحْور حول المركزيَّة والسيطرة، أمَّا عصر المعلومات فيتمحور حول اللاَّمركزيَّة واللاَّسيطرة واللاَّحكومة، وهذا هو الشَّيء الحاسم لفَهم عصر المعلومات.
الآن نحن لدينا تصوُّر واضح عن كيفيَّة اختلاف عصر المعلومات عن العصر الصناعي؛ لكن لنعيد النظر إلى سؤالنا السابق وهو :

من سيكون ثريًّا في عصر المعلومات؟

1. التَّعليم الذَّاتي ،من يثقف نفسه بنفسه.

لتوضيح هذا التعبير بصورة أفضل، دعُونا نعود إلى الوراء، إلى العصر الزراعي والصناعي وانتقال المهارات، في العصر الزراعي كانت المهارات الزراعيَّة تنتقل من الأب إلى الابن، وإذا أردتَ أن تتعلَّم كيف تكون حدّادا، فكان لزاما عليك أن تكون ابن حداد، وإذا أردت أن تكون بنَّاء كان لزاما عليك أيضا أن تكون ابن بنَّاء.
وبمجيء العصر الصناعي كل شيء تغيَّر فيمكن أن تذهب إلى الجامعة وتتعلَّم أيَّ مهارات تريدها، فالمعرفة كانت مُتاحة لكن في عصر المعلومات وانتقال المهارات قد تغيَّر الأمر مرَّة أخرى، فالمهارات الضَّروريَّة للنَّجاح في عصر المعلومات لم تعد كما كنّا نتعلّم من آبائنا – كما في العصر الزراعي – ولم تعد كما كنَّا نتعلَّم في المدارس والجامعات – كما في العصر الصناعي – فالأطفال يُعَلِّمُون آباءهم مهارات استخدام الحاسوب، والعديد من رجال الأعمال الذين تعلَّموا التَّقنية العالية للإنترنت في الشَّركات لم يتعلموها في الكلية، وأصحاب المليونيرات غدَا منَ المُحتَمَل أن لا يكون عندهم تعليم جامعي، فهم سوف يتركون المدارس العليا، ويكتسبون المعارف والمهارات بأنفسهم؛ أي يثقف نفسه بنفسه.

2. الناس بالأفكار الجديدة

مرة أخرى عن سؤالنا السابق، فالناس القادرون على التفكير خارج الصندوق هم من سيكونون أثرياء في عصر المعلومات، في أغلب الأحيان فكرة بسيطة قد توصل الناس إلى النجاح في هذا العصر.
خذْ مثلاً الشاب الهندي “صابر باتيا” مخترع البريد الإلكتروني Hotmail ، حيث إنَّ “صابر” كان يعمل مهندسَ حاسوب في “وادي السيليكون”، ولم يكن لديه تجربة سابقة على الإطلاق حول المشاريع التجاريَّة، فبينما هو في طريق العودة من العمل اتَّصل به صديقه على هاتفه الخلوي، وقال: ما رأيك في أن نبدأ في بناء موقع خدمات بريد إلكتروني مجاني على الإنترنت؟ وبعد وصول “صابر” إلى المنزل أدرك أنَّ هذه هي الفكرة التي كانت ينتظرها، فهاتف صديقه على الفور، وقال: دعنا نقوم بهذا العمل، وبعد ثلاث سنوات باع “صابر” الـهوتميل إلى شركة ميكروسوفت بـ 400$ مليون دولار. والأمثلة كثيرة في هذا الباب.

3. الكُتَّاب Writers

المجموعة الثالثة التي سوف يمكنهت تحقيق الثرياء في عصر المعلومات هم الكُتَّاب، في العصر الصناعي كان الكتَّاب يعتمدون على دور النشر الكبيرة، وذلك لكي ينشروا كُتُبَهم (تذكر أن تقنية آلة الطباعة في العصر الصناعي – مركزيَّة ومُسيطَر عليها ، ودور النشر تأخذ حصَّة الأسد من الأرباح )، أمَّا في عصر المعلومات فالكتَّاب يقومون بتقديم كتاباتهم الخاصة، ويحصلون على معظم الأرباح. أصبح الكتَّاب يزدهرون على الانترنت، كتب إلكترونية ومقالات إلكترونية. كل يوم يتم طرح عدد كبير من الكتب الإلكترونية الجديدة، والتي يلاقي بعضها نجاحا كبيرا ويحقق أصحابها دخلا كبيرا من وراءها.
يوجد الكثير من الناس يحققون إيرادات كبيرة كنتيجة مباشرة للكتابة الإبداعية. وتعتبر “جي كي رولينغ” أشهر كاتبة بريطانية حصلت على كل ثروتها من الكتابة والكتابة فقط. صاحبة سلسلة روايات هاري بوتر ، استطاعت تلك السلسلة تحويل حياة رولينغ من سيدة تجني 100 يورو في الأسبوع إلى واحدة من أكثر الكاتبات ثراءً، لتكون أول ملياديرة في العالم من الكتابة.


من موقع - أسرار المال

Aucun commentaire